اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
تفاسير سور من القرآن
87240 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ

...............................................................................


ثم إن نبي الله هودا قال هنا لقومه ما لم يقله نوح لقومه وهو قوله: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَاذْكُرُوا نعم الله عليكم إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ في الأرض؛ يعني بأن أهلك قوم نوح واستخلفكم في الأرض، فجعلكم خلفاء في الأرض آمنين فيها، عليكم نعم الله مسبلة.
والخلفاء جمع خليفة، وهو من يستخلف بعد من كان قبله. قال بعض العلماء: إنما قيل لهم خلفاء؛ لأنهم صاروا خلفا من قوم نوح؛ حيث أهلك الله أولئك وأسكن هؤلاء في الأرض بعدهم فكانوا خلفا من بعدهم، وخلفاء من بعدهم. وقال بعضهم: إنهم خلفاء؛ أي فيهم ملوك، والعرب تسمي الخليفة الذي يكون ملكا بعد من قبله خليفة.
ولفظه مؤنث ومعناه مذكر؛ فيجوز تذكير الضمائر الراجعة عليه نظرا إلى المعنى، ويجوز تأنيثها؛ كما قال الشاعر:
أبـوك خليفــة ولدتـه أخــرى
وأنـت خليـفــة ذاك الكمـــال
ومعنى وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ الخلفاء جمع الخليفة، لأنه جعلهم خلفا منهم يسكنون الأرض، أو جعلهم ملوك الأرض.
يزعم أصحاب القصص والأخبار أنهم كان عددهم كثيرا جدا، وأنهم منتشرون فيما بين حضرموت إلى عمان وأنهم كانوا يظلمون غيرهم، ويقهرونهم لما أعطاهم الله من القوة، ولكن الله بين أن منازلهم كانت بالأحقاف؛ حيث قال في سورة الأحقاف وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ .
وقد بينا أن الأحقاف جمع حقف، والحقف في لغة العرب الحبل من الرمل، الرمل المرتفع تسميه العرب حقفا، فالأحقاف الرمال، والمفسرون يقولون: إنها رمال في جوانب اليمن ؛ أعني في جوانب اليمن وحضرموت وأنهم كانوا في تلك الرمال بينها أودية يزرعون فيها ويعيشون.
وسيأتي في سورة الفجر قول من قال من العلماء: أنهم كانوا رحلا يذهبون بالمواشي، لأنه أحد القولين في قوله: إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ لأن أحد القولين في معنى ذَاتِ الْعِمَاد أنهم أصحاب عمود يرتحلون ويبنون خيمهم على العمد؛ ولذا قيل لهم: ذَاتِ الْعِمَاد على أحد الوجهين.
والوجه الثاني: أنهم لقوة أجسامهم وعظمها وطولها وبدانتها قيل فيهم: ذَاتِ الْعِمَاد لشدة اعتماد أجسامهم وقوتها كما يأتي هناك. وهذا معنى قوله: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ ؛ أي في الأرض في عافية وطمأنينة ورفاهية من الدنيا.
مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ والآية تشير إلى تهديد؛ يعني كما أن قوم نوح لما كذبوا نوحا دمرهم الله وأهلكهم وجعلكم خلفاء في الأرض من بعدهم، فاحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم، ليلا يهلككم، ويجعل خلفاء الأرض بعدكم غيركم. فيه تهديد وتذكير بالنعمة، وهذا معنى قوله: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ في الأرض.
وبعض علماء العربية يقولون: إِذْ هاهنا مفعول به لا مفعول فيه؛ أعني أنها مفعولا وليست ظرفا، والمعنى وَاذْكُرُوا ؛ أي تذكروا الوقت الذي جعلكم فيه خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ تذكرا يحملكم على شكر نعمة الله والخوف من نقمه أن ينزل بكم مثل ما أنزل بقوم نوح. وهذا معنى قوله: إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ الذين أهلكهم الطوفان إهلاكا مستأصلا.

line-bottom